العالمية «هناء صادق».. نقَاشة جمال الشرق على سندس العز اليعربِ

 

العالمية «هناء صادق».. نقَاشة جمال الشرق على سندس العز اليعربِ

أجرت الحوار - تالا أيوبنبتت ما بين الرافدين .. وازهرت على ضفاف نهر الأردن.. فتشربت من كل نهر جمالاً للشرق .. وتاريخاً شيد الثقافة الاصيلة قلعة شامخة عجز الغزاة أن يكسروا أبوابها    وروته مطرزاً على القماش وغالي الحلي .. حتى عجز لسان الشعراء أن يوصفوا شرقنا كما باحت به  فوق رقعة القماش... تلك  هي المصممة العالمية «هناء صادق» أردنية الهوى .. فراتية الصنعة.. دجلاوية الطبع.في قارب سمحت لملحق «أبواب – الرأي» ركوبه، لنبدأ رحلة في أنهر حياتها نرتشف منها عذب اللحظات.. فرفعنا مجداف الحوار معها عن تجربتها التي مازالت رغم طولها شلالاً يعد الناس الذواقة من كل أنحاء العالم بالمزيد.فرات البدايات  تقول «هناء صادق» عن بدايتها: « أبي كان فراتي الذي غمرني بالدلال.. ورواني ثقة بالنفس.. وعلمني أن أسبح بالفكر دون أن أغرق ضميري في المياه الراكدة الضحلة .. وساقني الى حقيقة الحياة أنها ليس رجلاً فقط .. واكتشفني ألواناً صرت بعدها أغرف منها لارسم جميل لوحاتي.»  وتضيف :» كما كان والدي كريماً معي .. كان كذلك مع شقيقي.. اللذان فاضا علي بالدعم .. فبعد تخرجي من الجامعة وحصولي على شهادة بالأدب الفرنسي  سعيت الى اكمال دراستي في حقل تصميم النسيج والرسم على الحرير والخزف في باريس .. خاصة وأني ميولي للفن التشكيلي كان دوما يأسرني وقد تدارسته مع الرواد في هذا المجال .. فلم أجد من  أهلي الا كل مساندة.»وتتابع»  بباريس كان التحول، اذ كنت من خلال الرسم أقوم بإبراز تفاصيل كثيرة ودقيقة عن المرأة وأهتم كثيراً بحليها وأزيائها،وأستاذي كان صادقاً معي ونصحني بالتعمق بالتراث العربي والحلي، وبعدها قمت بدراسات ميدانية كثيرة مواجهة صعوبات كقلة المراجع المتعلقة في هذا المجال، فقد كنت أذهب الى المناطق المختلفة للتعرف على أزيائها التراثية بالاضافة الى دراسة الكتب الأكاديمية التي كانت تتحدث عن التماثيل والمخطوطات والحضارات القديمة وأنواع الأنسجة والحلي التي كانوا يرتدونها، والحجارة التي كانوا يستخدمونها.»دجلاها الفياضبعد سنين من الدراسة والبحث وتطوير الذات دفع الفرات «هناء» نحو دجلاها ففاض انجازاً، وتقول عن ذلك: « بعد تثبيت طريقي المهني وهدفي منه بخطوات مليئة بالأمل.. جاءت أولى لحظات الفرح بحصولي على أول جائزة مهمة لي ألا وهي  جائزة فخرية للأزياء العالمية في موسكو عام 1987، تبعها وسام أفضل مصمم عربي في أثينا عام 1989، ولم يتركني ذاك العام حتى حصلت على الجائزة الأولى للمؤتمر العربي للموضة في العراق». وتضيف « رغم دراستي ومعروف اساتذتي معي إلا أن لكل مبدع إلهام ينير له ظلام الجهل .. وكانت تلك جدتي بزيها العربي الأصيل الذي مازال يعانق بنات أفكاري طفلاً بريئاً لا يرتاح الا في حضن أمه.. فبقيت صورتها روح الاصالة في شرقي التي واجهت كل ما هو غربي غريب عن ثقافتنا .. لكن تلك بقيت الحانية على ما هو مختلف عنها.. وزاداتها أن تحلت بجميل غيرها دون أن تذوب بها».  أردن الخيراتللأردن نقش خاص بقلبها وفكرها وأعمالها  :» مازال الأردن بالنسبة لي ، ذاك النهر الذي كلما رشفت منه ازددت عطشاً للجمال والاصالة، فأول وأهم أعمالي كان عن دياري التي أعتز بها، وجاء بعنوان (رمزية الوشم للمرأة الأردنية).»وتضيف « لم ينتهي الأمر هنا، فمنذ ارتباطي بالاردن فاضت الخيرات علي، فحصلت على 4 شهادات شرف في المهرجان الدولي للفن والثقافة في جرش في الأردن أعوام  (1997-1998-1999-2000)، تلتها انطلاقة عربية عالمية واثقة ، فحزت على الميدالية الذهبية لأفضل ممثل للموضة العربية في مصر العام 1999، وعلى الجائزة الذهبية لأفضل مصمم أزياء في البحرين العام (2000-2001)، وعلى ذات في دبي العام الذي يليه (2001-2002). أما عالمياً ففزت بالميدالية الذهبية في مؤتمر الأزياء الثقافي الدولي في إيطاليا (1998)، و4 جوائز فضية في مدن مختلفة من ايطاليا أعوام (1999-2000-2001)، وحصلت على شهادة شرف في فرنسا في باريس عام 1998، وسانت اتيان بينالي عام 2002، ونلت مكافأة من منظمة اليونسكو في باريس في 2009.»وتتابع القول» هذا عدا المشاركات المختلفة والمتعدة سواء المستوى العربي أو العالمي ، فمن المشاركة في أسبوع ألتا روما العام 2003، وبعرض ازياء و تكريم في مسقط العام 2006، وكذلك المشاركة بعرض الأزياء في ماليزيا (كوالالمبور) 2009 الخاص بأسبوع أزياء الإسلامية، المشاركة بعرض ازياء (برلين ) 2010. «وتكمل : «يضاف الى ذلك  ألقائي للعديد من المحاضرات عن الحلي الفضية والأزياء العربية في كل من العالم العربي وأوروبا، وكتابتي للكثير من المقالات حول هذه المواضيع في المجلات والصحف العربية. كما أنني صممت ملابس عدة أفلام و مسلسلات تلفزيونية، و قمت بتصميم ازياء لمجموعة من الملكات والأميرات والشيخات من الدول العربية والأجنبية.»وتشير «هناء» بالقول:» إن مشاركاتي لم تقتصر على هذا المجال، بل زدتها بقبول دعوات الترويج للترويج للثقافة العربية في 2011 من قبل  المتحف القومي الأميركي في ديترويت، والمركز الثقافة العربية في بوسطن، وأيضاً من قبل اللجنة الأميركية العربية لمناهضة التمييز (ADC) في واشنطن، بالاضافة إلى غاليري علوان في نيويورك. والأهم من ذلك كله أنه خلال مسيرتي استطعت بجمع حوالي 5000 قطعة من الفضة القديمة والمجوهرات العربية وأكثر من 3000 قطعة من الأزياء العربية التقليدية.» التراث الشرقي مصب أنهار ابداعهاالتراث الشرقي ذلك المحيط التي مازالت افكارها واعمالها تصبو اليه، فتتحدث عنه بالقول :»  بالتأكيد التراث حياتي وليس كما يظن العديد من الناس أنه فقط ارتداء الملابس التقليدية،  بل  هو المعبر عن الروح الشرقية ويجبرك على التحلي بالاخلاق العربية لكلا الجنسين، فعند ارتداء السيدة الملابس العربية، والعيش بأجواء شرقية فلاشعورياً ستتسرب الاخلاق العربية الى داخلها ووقتها سيتغير سلوك الرجل معها وينحني رافعاً القبعة احتراماً لها.»وتضيف» في كتابي (الحلي والأزياء العربية) الذي قمت بتوقيعة مؤخراً يتحدث عن هذا الامر، فرموز الالوان عند العرب تعكس جمال الروح الاخلاق الشرقية، ويذكر الكتاب الأنسجة الموجودة منذ منتصف القرن العشرين، وذلك النسيج المحلي المتداول بالمنطقة العربية وعن التبادل التجاري والمنطق الزراعي اذ كان الناس يندمجون بصناعة القطن والكتان والحرير والصوف.»وتنوه بالقول « أنا أشجع الاقبال على ارتداء الملابس العربية المستمدة من التراث والخطوط العربية لأنه يتيح فرصة العمل للنساء الأردنيات والعربيات المحرم عليهم الخروج من البيت لأسباب عدة فيصبح لديهم مورد واستقلال مادي والاحساس بالأهمية والانتاجية.»وتتابع « الرسالة التي أريد ايصالها بأن أوجه نداء للشخصيات المهمة والبارزة بأن يلبسن دائماً من هذه الملابس كي يصبحن قدوة للطبقات الأقل ويقلدونهم، وهذا التقليد يشجع امتهان هذا النوع من المهن. فالمسؤولية تقع علينا جميعاً خاصة نحن مصممي الأزياء في لباس الأجيال، فالكثير من الشباب والشابات يرتدون ملابس مكتوب عليها عبارات أجنبية لا تليق بمجتمعنا، فنحن بدورنا يجب أن نطرح لهم ملابس محترمة تليق بمجتمعنا وثقافتنا وحضارتنا، كما تتحلى بالتصميم العملي ومريحة بالوقت ذاته.»وتضيف « من جهة أخرى فإن الجيل الجديد يفقد بعض ملامح الأنوثة من خلال ما ينتقونه من ملابس فالكثير من الفتيات يرتدين ملابس تليق بالذكور أكثر، ولا يخترن تلك الملابس التي تعزز الأنثى وتزيدها ثقة بالنفس وتجعلها تختال مفاخرة بين أبناء جيلها.»وتأكد بالقول :» نجاحي الحقيقي  بانتشاري وايصال فكرتي وتصاميمي لشريحة كبيرة للعالم العربي والغربي .. ولهذا يجب علي أن يكون مسنوداً بالثقافة والتعليم والثقة.»صيفها الجديد .. رسم لوحات العيد أول من ادخل الحرف العربي على الأزياء العصرية منذ 25 عاما.صيف 2015 حمل جديد أعمالها، فتخبر عنه « أن مجموعتي الجديدة تحتوي على فساتين مخصصة للحناء وكتب الكتاب وللجاهات وعلى القليل من فساتين الأعراس المثقفة. فأنا في تصاميمي أقوم باستخدام كل الفنون العربية الرائعة المتشعبة المستمدة من البلاد العربية المختلفة، فلكل بلد يمتاز بنوع معين من الفن.»أما حول السؤال ما المقصود بفستانين الأعراس المثقفة، فردت بالاجابة « أعني  بالعروس المثقفة التي تبحث فقط عن التميز والاختلاف عن فساتين الأعراس الأوروبية، اذ ليس بالضرورة أن يكون لونه أبيض بل من الممكن أن يكون أحمر أو أخضر بدرجات فاتحة، حيث لا يقتصر فقط على حفلة الزفاف فقط بل بالامكان الاستفادة منه في مناسبات أخرى.» وفيما يتعلق بالحرف العربي الذي تعتبر أول من أدخله  على الأزياء العصرية منذ ربع قرن، فتقول:»  للحرف العربي تواجد كبير في أعمالي، فاللغة العربية غنية وجميلة والخط العربي معبر فأقوم باستخدام الخط الثلث والكوفي والرقعة والقيرواني والفارسي . كما أنني أشدد على عدم القيام بكتابة الآيات القرآنية على الملابس ولا أي شيء يتعلق بالدين، بل اني أتعمد انتقاء جمل الغزل والأشعار.»وتضيف «أن الخط العربي اذا لم يستخدم بطريقة صحيحة ؛فإنه يشوه منظر القطعة ،وهذا ما هو موجود حالياً للأسف،وكوني رسامة وفنانة تشكيلية لا تواجهني مشكلة باختيار اللون فأنا انتقي درجات اللون، اذ استخدم كل درجات ألوان الطيف فهناك درجات لون تتناسب مع درجات لون آخر وهذا ما قمت باستعماله في مجموعتي الجديدة.»شاطىء الامانيرسونا  مع «هناء» على شاطىء الاماني ليغادر «أبواب - الرأي» قاربها، وينهي معها الحوار فودعته بأمنية  لها تريد تحقيقها، ألا وهي الحصول على أيدي عاملة متقنة لأعمالها وحاملة للمسؤولية ورسالتها. فهذا الامر يعتبر عندها أكبر تحد فهي لا تستطيع طرح عملها في السوق بمستوى أقل من الموجود في الأسواق العالمية.

جريدة الرأي

 

 

Copyright 2009, www.hanasadiq.com.

Designed and Powered by ENANA.COM