مفكّرة

هناء صادق

ما كَتَبَتْهُ الإبَر في حريرِ العِبَر

سلمان داود محمد

سرب من الأقمشة يرفرف في فضاءات تفكيرها / تفكير هناء صادق الكاتبة ومصممة الأزياء الرافدينية المعروفة في المحافل والأرجاء ، فكان كتابها (الأزياء والحلي العربية – عراقة بلا حدود) الذي صدر مؤخراً وبلغات عدة يُعد من المراجع المهمة في عالم الأناقة الناعمة ودلالات تأثيرها في يوميات الحياة على مر الأزمنة ، إذ دأبت(صادق) على أن تستوحي من الموروث ما يجعل العلامات الموغلة في القِدم حاضرة الآن وبحلّة حداثوية غزيرة الإبهار والألق ، والعكس صحيح حين تعاطعت مع حداثة زماننا الراهن عبر مد جسور جمالية ما بين القديم الأصيل والجديد المتأصل في نسيج واحد تتخلله أحياناً الإفادة من توظيف حروف الأبجدية العربية المتناثرة مثل مطر على حقول من القماش فيبدو كل زي قصيدة جوالة قُدَّتْ من إبر وحرير وحنين الى صدمة جمالية تخفف من وطأة عالمنا الضاج بالعشوائيات والحروب والتلوّث البصري ، وما عرضها الأزيائي الذي قدمته حديثاً في العاصمة الأردنية عمان الذي جاء تحت مسمى الـ (تغيير) إلا علامة مبدعة من علامات هناء صادق المثابرة دائماً على ابتكار الجديد والمؤثر والراسخ والنوعي في مضمار فن القيافة الأنثوي الحديث كما تقول الإعلامية العراقية المعروفة رقية حسن في معرض تقديمها لهناء صادق في هذا العرض الحافل بالمبهر واللافت والمشير بكل خيوطه الناعمة الى أزياء أبتكرت خصيصاً هذه المرة للشابات بوصفهن الكائنات الفاعلة في كل (تغيير) وازدهار ..
إن المتتبع لهناء صادق الكاتبة وتعاملها مع فن التدوين بالقماش على الأبدان ، سيجد هذا المتتبع أن الدانتيلا لديها مثلاً تأخذ معنى جديداً لم تألفه ذاكرة هذا الفن ، وقماشة الـ ( كروشيه ) أصبحت بين أناملها تلك اللمسة الرؤيوية الفاتنة في صيف الفساتين بالتجاور مع (الكشمير) شتوي الفكرة الدافئة مع قماشة (الليكرا)
التي تبوح عن (تضاريس الروح) بشاعرية موقرة بالتناغم مع قماشات ( التويد والكافتان والباييت) التي تأخذ أشكال وروائح وتفردات الفصول الأربعة وهي يبدو بهيئآت أخرى غير مألوفة بين أصابع ومقص ودبابيس وخيوط وأفكار هناء صادق العاكفة دائماً وبمرتبة عراقية بإمتياز على خياطة عباءة لبحيرة ضوئية بعظم من ضلع سمكة من ذهب ...

..................
نُشرتْ في العدد الأول / 2017
من مجلة " آفاق أدبية "
الفصلية المعنية بالإبداع الجديد
الصادرة عن دار الشؤون الثقافية العامة في بغداد